تعد عمليات الترحيل الجماعية وعداً من حملة دونالد ترامب قد تكلف الولايات المتحدة أكثر من 300 مليار دولار لتنفيذها، وقد تؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية وإحداث فوضى في بعض القطاعات الخدمية.
كيف يمكن لمقترح ترحيل المهاجرين غير القانونيين أن يتردد صداه لدى الناخبين، بمن فيهم اللاتينيون، الذين سيتأثرون بهذا المقترح ومع ذلك يدعمونه، كما يتضح من الزيادة بنسبة 14% التي حققها ترامب في عدد أصواته، مقارنةً بانتخابات عام 2020؟
تكمن الإجابة في مفهوم خاطئ حول نظام الهجرة لدى الأميركيين، ذلك أن كثيراً منهم، وهم يحملون نوايا حسنة بلا شك، غالباً ما يرددون عبارة من قبيل: «يجب على غير الشرعيين المغادرة والعودة بالطريقة الصحيحة». الفكرة هي أن أي شخص يسعى للإقامة أو الحصول على الجنسية أو اللجوء في الولايات المتحدة يجب أن يفعل ذلك باتباع قوانين الهجرة بدقة. وهذا هو مفهوم «المهاجر المثالي». لكن الواقع أن النظام الحالي للهجرة معقد للغاية ومكلف وبطيء، إلى درجة أنه لا يسمح بذلك إلا لعدد قليل من الأشخاص.
وبصفتي أميركية مكسيكية نشأت بالقرب من الحدود، فقد رأيت التأثيرات عن قرب، وحتى داخل عائلتي. العقبة الأكبر بالنسبة لهم ولغيرهم كانت التكدس الهائل للحالات المعلقة لدى الحكومة.
ووفقاً لتقرير مكتب العدل التنفيذي لمراجعة الهجرة بوزارة العدل، فقد بلغ عدد القضايا المتأخرة 2.46 مليون قضية في نهاية السنة المالية 2023. وقد اصطحبتني «ألانيا مكماينز»، محامية مقرها سان دييجو وتمثل الأشخاص في جميع مراحل عملية الهجرة، عبر نشرة التأشيرات، حيث يمكنك رؤية التأشيرات التي تتم مراجعتها بناءً على تاريخ تقديم الطلب وبلد الأصل. ويمكن للأشخاص التقدم للحصول على أنواع مختلفة من التأشيرات لدخول البلاد، بما فيها تلك التي ترعاها العائلة أو المرتبطة بالعمل، ولكل نوع منها تسلسل هرمي خاص به في الأولوية للمراجعة. على سبيل المثال، يُمنح الابن أو الابنة المتزوجين لغير مواطن أميركي أولوية قصوى تُعرف بـ (F1) ضمن فئة التأشيرات التي ترعاها العائلة. لكن الأمور لن تمضي بسلاسة بعد ذلك.. تقول مكماينز: «حتى لو فعلت كل شيء بالطريقة الصحيحة، ولم تعبّر بشكل غير قانوني، ولم ترتكب أي جريمة، ولم تستخدم وثيقة مزورة، وقدمت طلباً قانونياً ودفعتَ المقابل المالي، وكنتَ مثالياً.. لكن ليس لديك قريب من النوع المناسب يساعدك، فقد تظل في طابور الانتظار لمدة تصل 30 عاماً».
واستناداً إلى نشرة التأشيرات لشهر ديسمبر 2024، فإن أي شخص من المكسيك تقدم بطلب بموجب فئة (F1) في 22 نوفمبر 2004، يخضع الآن للمراجعة. لقد انتظر هؤلاء المتقدمون لمدة 20 عاماً للحصول على مسار غير مضمون لنيل الجنسية.
وإذا سُمح للمهاجرين بقضاء جزء من فترة الانتظار الطويلة هذه في الولايات المتحدة، فقد يدفعهم اليأس إلى انتهاك قوانين البلاد، خاصة إذا كان لديهم أشخاص يعولونهم. ومن بين الجرائم الأكثر شيوعاً، الزواج الاحتيالي من مواطن أميركي فقط بغية تحسين المكان داخل الطابور وشراء وثائق مزورة للحصول على عمل.
وفي حين أنه من السهل القول بأن الناس يجب أن يتبعوا القانون، وبالتأكيد يجب عليهم ذلك، فإنه يتعين الانتباه إلى أن عملية الهجرة معطوبة للغاية لدرجة أنها لا تترك للكثيرين سوى خيارات محفوفة بالمخاطر.
ويرتبط التحايل على فترات الانتظار الطويلة أيضاً برسوم تقديم مكلفة. تتراوح الرسوم الأكثر شيوعاً بين 520 دولاراً و1440 دولاراً، وتحدد الظروف الفردية التركيبة التي يحتاجها المهاجرون أثناء محاولتهم التحقق من جميع المربعات المطلوبة. وفي بعض الأحيان، كما هو الحال مع تجديدات تصاريح العمل، يتعين تقديم النماذج نفسها ودفعها عدة مرات. وفي أوقات أخرى، بسبب المصاعب المالية، قد يكون هناك انقطاع في التقديم، مما قد يؤدي إلى ممارسة نشاط إجرامي بسبب التواجد غير القانوني.
وهناك التكلفة الإضافية لتعيين محام، وهو مورد يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في نتائج القضايا، لا سيما لغير الناطقين بالإنجليزية. ويحاول بعض الأشخاص التعامل مع العملية دون تمثيل قانوني لتوفير المال. لكن دراسةً أُجريت في عام 2015 وجدت أن المهاجرين الذين لديهم تمثيل قانوني هم الأكثر حظاً في الحصول على الوضع القانوني وتجنب الترحيل، إن وَجدوا مكتباً قانونياً وليس عملية احتيال تهدف فقط لاستغلال يأس الأشخاص.
الحل سيكون في إصلاح نظام الهجرة، لكن المحاولات الحزبية للإصلاح الشامل فشلت أو قُتلت خلال العملية التشريعية.
وهناك أيضاً تحول ثقافي في كيفية رؤية المهاجرين ومعاملتهم من قبل «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» معاً. فالسياسات التي كانت تعتبر عمليةً ورحيمةً في ثمانينيات القرن الماضي ستُعتبر الآن متطرفةً، مثل قانون اللاجئين لعام 1980 أو قانون إصلاح الهجرة والمراقبة لعام 1986، والذي كان آخر إصلاح شامل للنظام.
وما تبقى هو فوضى معقدة لدرجة أن العديد من أعضاء الكونجرس وموظفيهم لا يفهمونها حتى، وفقاً لـ «تيريزا كاردينال براون»، المستشارة البارزة لسياسة الهجرة والحدود في مركز السياسة الحزبية. وهذا يعني أن المشرعين الذين يصيغون السياسات لتغييرها يتنقلون أيضاً عبر عملية معقدة. قالت براون للراديو الوطني العام في وقت سابق من هذا العام: «لا تعرف بالضرورة كيفية الوصول إلى النتيجة التي تحاول الوصول إليها بطريقة قابلة للتنفيذ».
وعلى الرغم من كل ذلك، استفادت الولايات المتحدة بشكل كبير من المهاجرين اقتصادياً، حيث دفعت الأسر المهاجرة غير المسجلة 35.1 مليار دولار كرسوم في عام 2022. واستفادت القطاعات التجارية والخدمية من العمال غير المسجلين لتحقيق مكاسب مالية وتجارية. لهذا السبب فإن الهجمات التي يواجهها المهاجرون، مع عائلاتهم وسبل عيشهم، أثناء محاولتهم التعامل مع حالاتهم، تمثل عملية مرهقة بشكل كبير وتعد أحد أكثر الجوانب صعوبة في نظام الهجرة الحالي.
عندما يطمئن ترامب الجمهور الأميركي إلى أن مَن يخالفون القانون فقط هم مَن سيواجهون العواقب، سيتفاجأ الكثيرون على الأرجح بمن يُعتبر مجرماً. إن الاستثنائية التي يتم تعزيزها داخل الروايات الخاطئة عن «الطريق الصحيح» ستؤثر على كثير من العائلات في أميركا. المهاجرون المثاليون غير موجودين لأن نظام الهجرة الحالي لا يسمح بوجودهم.
أليكس سراجوسا
كاتبة عمود وصحفية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»